"السيول جرفت منازلهم".. سكان ميون الصينية يستفيقون على كارثة مناخية

"السيول جرفت منازلهم".. سكان ميون الصينية يستفيقون على كارثة مناخية
سيول في الصين- أرشيف

ارتفعت مياه الأمطار فجأةً.. لا صوت يعلو فوق هديرها، ولا شيء يقف في وجه اندفاعها، في غضون دقائق، تحولت شوارع العاصمة الصينية إلى أنهار، وجرفت معها سيارات، وبيوتًا، بل وحتى أحلامًا صغيرة ظلّت معلّقة في غرف الأطفال التي غمرتها السيول.

في ضواحي منطقة ميون، التي باتت تُعرف الآن بأنها الأكثر تضررًا، ترك السكان كل شيء خلفهم وهربوا، لم يكن هناك وقت لجمع الوثائق أو الصور العائلية أو حتى إغلاق الأبواب، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الصينية "شينخوا". 

قالت سيدة مسنّة، وهي تجرّ حقيبة صغيرة ومغطاة ببطانية مبللة: "تركت منزلي، لكني لم أترك قلبي هناك.. قلبي غرق مع ما فقدته".

المياه اجتاحت الطوابق الأرضية، وحاصرت الأسر في بيوتها، وسُجّلت حالات عديدة لعائلات احتمت بأسطح المنازل لساعات قبل أن تتمكن فرق الإنقاذ من الوصول إليهم. 

في مشهد آخر، وقف رجل يبكي أمام أنقاض بيته، قائلاً: "بنيته بيدي، حجراً فوق حجر.. واليوم، جرفته العاصفة كأنه لم يكن".

حصيلة ثقيلة وخطر مستمر

وأعلنت السلطات الصينية، اليوم الثلاثاء، أن عدد القتلى ارتفع إلى 38 شخصًا على الأقل، بينما لا تزال عمليات البحث جارية عن مفقودين في مناطق متفرقة من بكين، خبي وتيانجين، حيث انقطعت الكهرباء وأُغلقت الطرق بفعل الانهيارات الأرضية.

وفي تصريح نقلته وكالة "شينخوا"، وصف رئيس الوزراء لي تشيانغ الكارثة في ميون بأنها تسببت في "خسائر بشرية فادحة"، مؤكدًا أن الحكومة تتابع الموقف لحظة بلحظة.

توافد آلاف السكان إلى المدارس والمراكز المجتمعية التي تحولت إلى ملاجئ مؤقتة. يجلس الأطفال على الأرض وسط ضجيج المولدات، والعيون تراقب السماء. 

في أحد هذه المراكز، قال متطوع إنسانـي: "كل شيء مفقود: الطعام، الدواء، الأمل... لكن الناس لا تزال متمسكة ببعضها".

وفي خبي، تقطّعت السبل بعائلات في المناطق الجبلية، حيث تسببت الانهيارات الأرضية في إغلاق الطرق الريفية. وتقوم طائرات الهليكوبتر بإلقاء المساعدات، فيما يحاول السكان إزالة الركام بأيديهم.

سؤال الغد.. وإرث المناخ

ورغم تراجع الأمطار خلال الساعات الماضية، فإن التحذيرات لا تزال قائمة من احتمال تجدد الفيضانات، لا سيما في المناطق التي لم تتمكن البنى التحتية فيها من الصمود أمام حجم المياه غير المسبوق.

وتثير الكارثة أسئلة حادة حول التغير المناخي ومدى استعداد المدن الكبرى لمواجهة تحديات الطقس المتطرف، بعد أن أصبحت الفيضانات مشهداً سنويًا في الصين.

لكن في خضم هذه الأسئلة، يظل المشهد الأكثر تأثيرًا هو وجه الطفل الذي يبحث عن لعبته وسط الماء.. وأم تمسك بيدي أبنائها الثلاثة، تحدق في المجهول.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية